وادى الملوك الأثرى الجزء الرابع
وادى الملوك الأثرى
إيمان العادلى
(الجزء الرابع)
تحدثنا سابقآ فى الأجزاء السابقة عن وادى
الملوك وتعريفه وأين يوجد وتكلمنا عن
طبيعة المكان وتكوينه واليوم نكمل ما سبق عن تاريخ وادى الملوك
التاريخ
قمة القرن بشكلها الهرمي تبدو مشرقة على وادي الملوك.بدأ الإنسان المصري القديم في سكنى وادي الملوك منذ العصر الحجري الوسيط تعلو قمة القرن هضاب طيبة جميعها والتي عرفها المصريون القدماء بأسم تا ديهنت(وتعني القمة بالهيروغليفية) والتي تبدو هرمية الشكل عند النظر إليها من مدخل الوادي في مظهر يماثل أهرامات الدولة القديمة التي استخدمت كمقابر قبل آلاف السنين من إنشاء أول مقبرة ملكية في الوادي ويرجح بعض علماء المصريات إلى أن الشكل الهرمي للقمة هو أحد أسباب أختيار هذه البقعة لتشييد مقابر الملوك تماما كاستخدام الأهرامات لدفن الملوك في عصر الدولة القديمة وقد كان موقع وادي الملوك المنعزل نسبيا سببا في صعوبة وصول اللصوص ونابشي القبور إليه مما ساعد القوات الملكية الخاصة بحماية القبور (المدچاي) على حماية المدينة الجنائزية بأكملها بات الاعتقاد لفترة طويلة أن البنايات هرمية الشكل ولا سيما أهرامات الجيزة هي النموذج التقليدي للمقابر الملكية في مصر القديمة على مختلف عصورها إلا أن أغلب المقابر الملكية منحوتة بالكامل من الصخر فعلى الرغم من أن الأهرامات والمصاطب (نماذج المقابر الملكية في عصر الدولة القديمة) قد تم تشييدهم عن طريق الاقتطاع من مستوى سطح الأرض إلا أنه يوجد في مصر العديد من المقابر الملكية المنحوتة بالكامل من الصخر (على شاكلة المقابر الملكية بوادي الملوك) والتي يرجع تاريخها إلى عصر الدولة القديمة.وبعد هزيمة الهكسوس وإعادة توحيد مصر تحت قيادة أحمس الأول عمل ملوك طيبة على تشييد مقابر شامخة لهم تكون دليلا على قوتهم الصاعدة وعلى الرغم من ذلك تشير بعض الدراسات إلى أن مقبرتي أحمس الأول وابنه أمنحتب الأول موجودتان بالمدينة الجنائزية الخاصة بالأسرة السابعة عشر بمنطقة ذراع أبو النجا غرب الأقصر(وإن كان موقعا المقبرتين لم يتم الكشف عنهما بشكل قاطع حتى الآن) إلا أن دراسات أخرى تؤكد أن أولى المقابر الملكية التي شيدت في الوادي هما مقبرتي أمنحتب الأول (والتي لم يتم تحديدها) وتحوتمس الأول والتي تبدو على جدرانها نصائح كبير مستشاريه إنيني والذي وجه نصحه للملك باختيار هذه البقعة لتشييد مقبرته (والدراسات مستمرة حتى الآن لتحديد مقبرة تحوتمس الأول بشكل قاطع إذ يدور الخلاف حول المقبرتين مقبرة 20 ومقبرة 38).ارتأيت وحدي نحت مقبرة جلالته في الصخور هاهنا وما من سميع وما من بصير وبدأ أستخدام الوادي لدفن الملوك أول مرة قرابة عام 1539 ق.م. واستمر دفن ملوك الدولة الحديثة فيه حتى عام 1075 ق.م. ويضم 63 مقبرة على أقل تقدير بداية من مقبرة تحوتمس الأول (ولربما قبل ذلك التاريخ أيضا وتحديدا إبان عصر أمنحتب الأول) ونهاية بعهد رمسيس العاشر أو رمسيس الحادي عشر إلا أن عمليات الدفن قد استمرت لأفراد لا يمتون بصلة للأسر الحاكمة في مقابر مغتصبة بعد هذا التاريخ وعلى الرغم من الاسم إلا أن وادي الملوك لا يضم مقابر للملوك فحسب بل يضم مقابر للنبلاء المقربين للملوك بالإضافة لمقابر تضم زوجات الملوك وأبنائهم وكذلك زوجات النبلاء وأبنائهم وعليه فإن المقابر الفعلية التي تضم رفات الملوك والنبلاء وأعضاء الأسر الحاكمة لا يتعدى عددهم العشرين مقبرة في حين تشكل القبور التي لم يتم تحديد هوية أصحابها وكذلك المومياوات المحنطة والمدفونة في حفر بجوف الأرض باقي المقابر وغرف الدفن التي تم الكشف عنها.ومع بداية عهد رمسيس الأول (قرابة عام 1301 ق.م.) بدأ العمل بشكل منفصل في تشييد وادي الملكات على مقربة من وادي الملوك خارج أعضاء الأسرة الحاكمة كان عادة ما يدفن في حجرة منحوتة من الصخر بجوار مقبرة سيده كما جرت العادة أن يدفن الملك في مقبرة بجوار مقبرة أبيه ويبرهن على ذلك مقبرة أمنحتب الثالث والتي تم تشييدها في الوادي الغربي وعندما تقلد ابنه إخناتون سدة الحكم قام بنقل مقبرته الشخصية إلى العمارنة ومن ثم يعتقد بإن المقبرة الغير مكتملة (مقبرة 25) هي المقبرة التي أعدت مسبقا له ومع العودة إلى الديانة المصرية الأصلية في نهاية عصر الأسرة الثامنة عشر عاد الملوك ليدفنوا في المدينة الجنائزية وكان على رأس هؤلاء الملوك توت عنخ أمون وخپر خپرو رع آي وحورمحب.وشهد عصر الأسرتين التاسعة عشر والعشرين زيادة في عدد المقابر المشيدة سواء بوادي الملوك أو الملكات، بداية من عهد رمسيس الثاني ومن بعده رمسيس الثالث الذان قاما ببناء مقبرتين هائلتين لهما ولأولادهما من بعد وهما المقبرتانمقبرة 5 ومقبرة 3 على الترتيب كما يوجد العديد من الملوك الذين لم يدفنوا في المدينة الجنائزية أو لم يتم الاستدلال على مقابرهم بعد فمثلا هناك زعم بأن تحوتمس الثاني دفن في منطقة ذراع أبو النجا (على الرغم من العثور على مومياته الملكية في الجبانة الملكية بالدير البحري)كما لم يتم الاستدلال على موقع دفن سمنخ كا رع وكذلك رمسيس الثامن والذي يرجح دفنه في منطقة مغايرة للمدينة الجنائزية وتماشيا مع الشعائر الدينية الأصيلة منذ عصر بناة الأهرامات حيث كان يلحق معبدا جنائزيا بجوار الهرم، استمرت التقوس نفسها في العصور المتتالية ولكن مع العمل على إخفاء مقبرة الملك عمدا شيدت هذه المعابد على مسافة بعيدة من موقع الدفن الأساسي وقريبا من الأراضي الزراعية المواجهة لمدينة طيبة وتحولت هذه المعابد لمزارات أثناء الأعياد المختلفة التي أقيمت في المدينة الجنائزية كعيد الوادي الجميل والذي يحتفل فيه بالإله آمون-رع وقرينيه موطوخونسو بترك معبد الكرنك لزيارة معابد الملوك المتنيحين بالضفة الغربية للنيل وضرائحهم بالمدينة الجنائزية.ويرجع الفضل في إنشاء هذه المقابر وتزيينها بالنقوش واللوحات الجدارية إلى عمال قرية دير المدينة الواقعة في الوادي الضيق الذي يفصل بين وادي الملوك ووادي الملكات بمواجهة طيبة وكان العمال يتنقلون بين قريتهم ومحل عملهم عن طريق طرق معبدة بين تلال طيبة وتم معرفة الكثير عن هؤلاء العمال من خلال السجلات والوثائق الرسمية التي تم العثور عليها في المقابر ومن ضمن هذه الوثائق وثيقة تتحدث عن إضراب للعمال ربما يكون الأول في تاريخ البشرية وهي الوثيقة المعروفة عالميا بأسم بردية إضراب تورينو
وغدآ نكمل الجزء الأخير