
لقطات من معركة بني عدي بمنفلوط ضد الحملة الفرنسية عام ١٧٩٩م
اسيوط كتب سيد عبد الحفيظ خضر
من أسباب ثورة بني عدي على الفرنسيين :
معاكسة شباب بني عدي للسفن الفرنسية التي كانت تمر في نهر النيل عند منفلوط ووشاية المعلم يعقوب حنا ببني عدي لدى القادة الفرنسيين ( وهو اكبر جاسوس للحملة الفرنسية وكان يعمل لدى كاشف أسيوط ) وامتناع بني عدي عند دفع الكلف والضرائب ونلقي الضوء على لقطات من المعركة :
وصل الجنرال دافو إلى أسيوط يوم 16 أبريل وبعد وصوله بأربع وعشرين ساعة علم أن حشــداً ضخما من الثوار قد تشكل فى بنى عدى الواقعة غرب الطريق إلى الواحات ، حيث قام أهلهــــا وهم أشجع رجال مصر بالثورة على الفرنسيين ، وانضم إليهم في ثورتهم هذه المماليك والعرب وأهالى دارفور الذين جاءوا من القوافل من قلب افريقية ، وشجعت هذه الجموع مراد بك فخرج من الواحات ليكون على رأس هذا الجيش ، وأرسل بقواته وكشافه لينظموا هذه القوات ويثيروا حميتهم فى نضالهم ضد الفرنسيين . واتخذ الثوار بنى عدى مركزاً لهم ، واجتمع بها كما يذكر الجنرال ديزيه ثلاثة آلاف من رجال بنى عدى ، و 450 من قبائل عربان الجهمة والتراهونة ، وخمسون من عربان بنى وافى ، وثلاثمائة من المماليك ، ولم يستطع ديزيه أن يحصر أعداد المكيون ( عرب الحجاز ) الذين انضموا إلى الثوار ببنى عدى لأنه يجهلهم وذلك كما ذكر فى رسالته إلى نابليون . إذا ما أضفنا أعداد المكيين التى لم يستطع ديزيه أن يحصرها إلى الأعداد التى ذكرها ، فإن عدد القوات التى تجمعت فى بنى عدى من الثوار تبلغ على الأقل أربعة ألاف رجل ، الغالبية العظمى منهم من أهالى بنى عدى فلاحين وعربان ، ويليهم فى العدد المماليك ثم عرب الحجاز .وما أن أصبح تجمع الثوار حقيقة وتحفزهم للثورة واضحا حتى استعد الجنرال دافو للقائهم ولم يتوان لحظة واحدة فى اللحاق بهم وعزز قواته بكتيبة من الفرقة 88 والفرقة 15 من الفرسان ، وعين سيلى قائداً على أسيوط بدلاً من بينون وتوجه دافو بجنوده تجاه بنى عدى فوصلها يوم 18 أبريل ، ووجد بها جيش كبير يحمل السلاح ويتأهب للقتال وكان جناح القرية باتجاه الصحراء مغطى بعدد كبير من الفرسان والمماليك والعرب والفلاحين ، فشكل الجنرال دافو مشاته إلى طابورين أحدهما لمهاجمة القرية والأخر لمحاصرتها ، والطابور الأخير هذا كان يتقدمه الفرسان بقيادة بينون وهو رئيس فرقة ممتاز، ولكن هذا الضابط التعس أثناء مروره بالقرب من أحد المنازل تلقى طلقة بندقية أردته قتيلا ، فأسرع الجنرال دافو بإرسال المساعد العام راباس ليحل محل بينون لقيادة الفرسان الذين لاحظوا وجود المماليك فىا لصحراء فى طريقهم إلى بنى عدى لنجدة الأهالى فاتجهت إليهم أحد طوابير المشاة الفرنسية ، لكن طليعة مراد بك التى أخرجها البؤس الشنيع من الواحات ، نصحته بالعودة سريعاً( ، فارتد المماليك لأول صدمة وانسحبوا راجعين إلى الواحة التى قدموا منها وتركوا الأهالى وحدهم يتلقون هجمات الجيش الفرنسى ، فاشتبك الفريقان فى معركة حامية دارت رحاها فى طرقات بنى عدى ، وفى بيوتها التى حصنها الأهالى وجعلوا منها شبه قلاع كان الرصاص ينهال منها على الجنود الفرنسيين فلقى الجيش الفرنسى فى بنى عدى ما لم يلق مثله فى كثير من البلاد واستمرت المعركة إلى الليل واستخـدمت فيها المدفعية ولم يتمكن الفرنسيون من الاستيـلاء على بنى عـدى إلا بعد أن أشعلوا فيها النيران وفى لحظات تحولـت هذه القرية الجميلة إلى رماد وأطلال واحتلها الجنـود الفرنسيـون وأمعنوا فى أهلها قتلاً ونهبا .أما عن الخسائر التى لحقت بالثوار فى بنى عدى فإننا لا نجد أمامنا سوى المصادر الفرنسية المعاصرة التى قدرت هذه الخسائر وللأسف فإن هذه المصادر بالرغم من أن أصحابها كانوا شهود عيان وشاركوا فى الأحداث إلا أن تقديرهم للخسائر التى لحقت بالثوار قد اختلفت من مصدر لآخر على النحو التالى :قدر الجنرال دافو عدد القتلى من الثوار ببنى عدى بما يزيد عن الألفين من القتلى. أما الجنرال ديزيه فقد كان متناقضا مع نفسه فى تقديره لعدد القتلى فلقد ذكر فى رسالة منه إلى نابليون بعد المعركة بأيام أن عدد القتلى من الثوار بلغ ثلاثة ألاف(، ثم ذكر فى تقرير أخر لنابليون بعد المعركة بشهور أن عدد القتلى بلغ ألفى قتيل من عرب ينبع والمغاربة والدارفوريين والمماليك والأهالى من بنى عدى. أما نابليون فقد أخطا عندما قدر عدد القتلى من الثوار بألف رجل(وهو لم يشهد الواقعة ، وكان من المفروض أن يعتمد على رسائل وتقارير الجنرال ديزيه والجنرال دافو لكنه وضع تقريرا لعدد القتلى من عنده دون أن ينظر إلى تقارير من شاهدوا الواقعة .
نقلا من نشرة أخبار بني عديات